مقدمة :
تبلغ أهمية العقوبة في الدراسات الجنائية الحد الذي تأثرت به تسمية القانون الجنائي ، حيث يشيع تحت األقالم و على األلسنة مسمى ” قانون العقوبات” نسبة إلى العقوبة ، بل إن كثيرا من الفقهاء يستهلون تعريف القانون الجنائي بتعريف العقوبة باعتبارها أخص ما يميز ذلك القانون
و تعد دراسة الجزاء الجنائي التتمة المنطقية لدراسة النظرية العامة للجريمة ، إذ بدون جريمة ال محل لجزاء جنائي ، و ال معنى لتجريم بال عقاب يقترن به ، كما أنه ال معنى لدراسة البنيان القانوني للجريمة دون دراسة لألثر القانوني الذي يترتب على ثبوت المسئولية الجنائية عنها ، و هو الجزاء 1 الجنائي .
و تقوم الدولة باقتضاء حقها في العقاب عن طريق الدعوى الجزائية ، ذلك أن الجزاءات الجنائية يحكمها األصل العام القاضي بأنه ال جريمة و ال عقوبة إال بناء على نص ، و بالتالي فإن األخذ بهذا المبدأ يقضي بأنه ال يجوز لإلدارة كقاعدة عامة أن توقع عقوبات جنائية على األفراد ، مهما كانت جسامة المخالفات التي يرتكبونها ، لمخالفتها للنظام العام .
لكن بدأت تظهر إتجاهات حديثة في سياسة العقاب ، و بدأت تضعف قيمة الدعوى الجزائية ، كأسلوب قانوني إلعمال سلطة الدولة في العقاب ، بعدما لوحظ أن جهود المجتمع لمعالجة المجرمين 2 كانت غير إنسانية ، كإعمال اإلعدام .
ثم ظهرت العقوبات السالبة للحر ية التي جاءت نتيجة الستهجان المجتمع للعقوبات البدنية القديمة ، لكن هذه أيضا أضحت غير فعالة و ال تحقق الهدف من ورائها لعدة أسباب .