مقدمة:
تمارس الدولة بواسطة السلطة القضائية حقها في توقيع العقاب على المجرمين وتحقيق الردع العام للحفاظ على الأمن العام داخل المجتمع ، فتتولى سلطة الإتهام متابعة كل شخص اشتبه في إرتكابه لجريمة إذا إنعدمت دواعي الحفظ القانونية والموضوعية ، غير أنه يناط دستوريا بالدولة حماية الحقوق والحريات الأساسية والمضمونة لكل مواطن حتى و إن كان محل متابعة جزائية مادام لم تثبت بعد إدانته بموجب حكم قضائي بات صادر عن سلطة قضائية نظامية مع توفير كل الضمانات القانونية و القضائية الكفيلة بتدعيم وحماية قرينة براءته الأصلية .
ويجد مبدأ البراءة الأصلية أساسه في الشريعة الإسلامية وكذا في المواثيق والإعلانات العالمية فضلا عن تكريسه في دساتير الدول وفي قوانينها الداخلية .
فقد كرّمت الشريعة الإسلامية النفس الإنسانية وأقرت ببراءة المتهم صراحة وذلك ما يستشف من قوله صلى الله عليه وسلم :« إدرؤوا الحدود عن المسلم ما إستطعتم ، فإن وجدتم للمسلم مخرجا فخلوا سبيله ، فإن الإمام لئن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة ».
وبذلك لا تقبل الشريعة الإسلامية والفقه الإسلامي الجنائي دعوى مجردة من دليل ، كما يأمر الإسلام القاضي بألا يصدر حكمه الا بناءا على بينة قطعية لقوله صلى الله عليه وسلم :« إدرؤوا الحدود بالشبهات ».
لقد كانت الشريعة الإسلامية سباقة الى إقرار مبدأ البراءة الأصلية لتحذوا حذوها فيما بعد الدول الغربية بعد ظهور الأفكار التي تنادي بالحرية الفردية ، فلقد بين« بيكاريا» في كتابه « الجرائم والعقوبات ».لسنة 1864 بأنه :«لا يجوز وصف الشخص بأنه مذنب الا بعد صدور حكم القضاء »، وإعتبر «مونتيسكيو» في كتابه « روح القوانين ».«بأنه عندما لاتضمن براءة المواطنين فلن يكون للحرية وجود »