مقدمة:
لقد وجد القانون الإداري كفرع من فروع القانون العام يهتم بالقواعد التي تحكم الإدارة العامة من عدة جوانب، فمن حيث تنظيمها فهي إما أن تكون سلطة مركزية أو سلطة موزعة، و من حيث نشاطها فهو يتجلى في صورتين، ضبط إداري و مرفق عام، و من حيث وسائلها فهي تنحصر في وسيلة بشرية مصاغة في نظرية الموظف العام و وسيلة مادية مصاغة في نظرية المال العام، و من حيث منازعاا فهي تشمل الجهة القضائية صاحبة الاختصاص و القواعد القانونية الواجبة التطبيق، و من حيث أساليبها فهي إما إصدار القرارات الإدارية، و إما إبرام العقود الإدارية.
بات من الأكيد القول أن نظرية العقود الإدارية موجودة حتى دون نص، هدفها مزدوج يضمن تحقيق الصالح العام و خضوع الإدارة للقانون، تطورها التاريخي كان طويلا و لم تأخذ شكلها الحالي إلا في بدايات القرن العشرين، فأصبحت نظرية قضائية من النظام العام.إستمدت جذورها و سبب وجودها من الأحكام القضائية الأولى التي أرساها مجلس الدولة الفرنسي، و لا أدل على ذلك حكم تيري الصادرسنة 1903 ، كيف لا و هو الأساس الذي بنيت عليه فكرة العقود الإدارية بطبيعتها حيث تقرر بموجبه أن إختصاص القضاء الإداري يتناول كل ما يتعلق بتنظيم و سير المرافق العامة، قومية كانت أو محلية، سواء أكانت وسيلة الإدارة في ذلك عملا من أعمال السلطة العامة أو تصرفا عاديا، فالعقود التي تبرمها ( الإدارة بهذا الخصوص هي من قبيل الأعمال الإدارية بطبيعتها و يجب أن يختص القضاء الإداري بمنازعاتهاا.( 1
و قد أخذت هذه النظرية تشق طريقها في أحكام القضاء الفرنسي حتى تأكدت بشكل واضح و نهائي، ( 2) و أصبحت قائمة بذاتهاا و جزء من موضوعات القانون الإداري، اقتضتها اعتبارات السلطة العامة فهي مقدسة و اعتبارات المصلحة العامة فهي مشروعة.