مقدمة:
إن الجريمة خطر كبير على حياة الأفراد و المجتمعات، و إتيانها من كل إنسان يعد انتهاكا لحرمة المجتمع و أمن الأفراد و الدول، لذا أولتها الشرائع السماوية و الوضعية اهتماما بالغا فتناولها المشرع ناصا على كل ما يحيط بها من معان و مقدمات و شروع و تحضير.
و هي جملة أعمال مترابطة تشترك و تتعاون في الوصول بالمجرم إلى أهدافه، فتحقيق النتيجة يمر بأدوار و مراحل متعاقبة يوازن خلالها الشخص بين إرضاء شهوته و تحقيق نزوته و بين جسامة الجزاء الذي قد يصيب جسمه و ذمته و سمعته، فهو بين هذا و ذاك يتردد مدة طالت أو قصرت قبل أن يقرر أي الطريقين يسلك.
فإذا ما اختار الشخص بعد التفكير و مراجعة النفس أخذ وجهة الجريمة فإنه سيفكر في تحري أقرب السبل و أضمنها في الوصول إليها، ثم ينصرف إلى تهيئة الوسائل التي تعينه في سبيله ذلك لينتهي إلى التنفيذ إن بقيت له الإرادة المصممة و العزم الثابت على ارتكابها.
و هكذا تتحلل الجريمة إلى مراحل متتابعة متواصلة تتمثل في انعقاد النية أو التفكير، و إعداد العدة أو التحضير، و البدء في التنفيذ و إتمامها.
و هذا التسلسل في المسلك الإجرامي يطرح تساؤلا جديا حول تحديد المرحلة المعاقب عليها جزائيا؟ و هل يعاقب على الجريمة التامة فقط ؟ أم يمكن أن يعاقب حتى في حالة الجريمة الناقصة بكافة صورها ؟
و هذه الإشكاليات سنحاول الإجابة عليها من خلال معرفة موقف الفقه و الشريعة الإسلامية و الاجتهاد القضائي و الحلول الموضوعة لها من خلال التطرق لنظرة كل مصدر مستقل.
و تتمثل أهمية هذا الموضوع في أنه يفيد تحديد الجرائم و تقسيماتها من حيث تنفيذ و تحقق النتيجة من عدمه بناء على نشاط الجاني، كما أنه يفيد في معرفة منحى الشريعة و خاصة في الجريمة المستحيلة و العقاب عليها…