مقدمة:
إنَّ إنشاء قضاء دولي جنائي لم يتزامن مع التوقيع على اتفاقية روما المنشعة للمحكمة الجنائية الدولية بتاريخ 17 يوليو 1998 فحسب » بل مرّ بسلسلة من الجهود الفقهية والمحاولات الحادّة يحدف معاقبة وردع كلّ من تسول له نفسه ارتكاب أحد الجرائم الدولية التي تفتك بالإنسانية جمعاء بحيث كللت تلك الجهود في أواسط و أواخر القرن العشرين بإنشاء أربعة محاكم جنائية جرّاء تصاعد وتيرة الحروب و الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الانساني التي حصلت خلالها ؛ و تمملت تلك المحاكم في المحكمة العسكرية الدولية لنورمبورغ عام 1945 و المحكمة العسكرية الدولية لطوكيو عام 6 . كما تحرّك مجلس الأمن الدولي في إطار صلاحياته في حفظ السلم و الأمن الدوليين بإنشاء محكمتين جنائيتين خاصتين » الأولى تتعلّق بالانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني التي حصلت في يوغسلافيا سابقا (القرار1993/827) و الثانية تتعلّق بالانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني التي حصلت في رواندا (القرار 1994/955) .
و بالتغم من التجاح المحدود الذي حمّقته تلك المحاكم ؛ إلا أنّه شابما العديد من القصور والانتقادات » أهتها أنما تحمل طابع التأقيت و أنّما خاصّة بحالات معيّنة ؛ لذلك كان إنشاء قضاء دولي جنائي دائم مطلبا فرض نفسه » بحيث نجح المفاوضين في المؤتمر الدبلوماسي بروما في إعلان نشأة المحكمة الجخنائية الدولية التي دخل نظامها الأساسي خيّر التفاذ في 01 جويلية 2002 .
و هكذا تبدو أهمية إنشاء هذا الجهاز القضائي الدائم الذي طال انتظاره » إذ يعتبر مكسبا لكل ضحايا التراعات المسلّحة سواء الدولية أو الداخلية منها » وذلك بتحصيل حقوقهم وتعويضهي و بالمقابل سيتمٌ معاقبة مرتكبي الجرائم الدولية محل اهتمام المجتمع الدولي أمام هذه المحكمة .
(إنّ محكمة الجنايات الدولية كأي محكمة لا بِدّ أن تتكوّن من مؤسسات قضائية و داري” .
وفعلا لتحقيق الأغراض التي أنشعت المحكمة الجنائية من أجلها خصّها واضعي ميثاق روما بتشكيلة وأجهزة تساعدها على أداء مهامها على أكمل وجه » و ذلك بالاعتماد على نص المادة الخامسة من 1- سهيل حسين الفتلاوي ؛ موسوعة القانون الدولي الجنائي 3 (القضاء الدولي الجنائي) ؛ الطبعة الأول ؛ دار الثقافة للنشر و التوزيع + عمان الأونم 2011 ١ ص 135 .